تستند المحّددات الواضحة للمواطنة على المجرى التاريخي لعوامل تكوّنها، وفي نهاية المطاف على تعيّنها الحديث داخل حقل المشاركة الحرّة لأفرادٍ مسؤولين متساويين، أي، في نسيج مبادئ المسؤوليّة والحرية والتشاركيّة والمساواة، بمعنى أنّ ثقافة الاختلاف التي تنظر للآخر بوصفه المجال المادي والمعنوي لوجود الأنا وتحققها، تصبح مضمرةً في السلوك الاجتماعي والثقافي للأفراد عامةً في ظلّ دولة المواطنة الكاملة. ولكن قد يحيل هذا التوصيف المواطنة إلى يوتوبيا، خاصةً إذا ما حاولنا أن نقرأ هذا المفهوم ضمن الواقع السوري، الذي يدور في حلقةٍ مفرغةٍ من إقصاءٍ وإقصاءٍ مضاد، فأقلّ ما يمكن ملاحظته أنّ قيم المواطنة ومبادئها تعاني تصحّراً مزمناً، أنتجه تعاقب نّظمٍ ما قبل مدنية، جعلت من التأخرَ والفوات التاريخي الضامن الرئيس لبقائها واستمرارها.