وُلد هذا المشروع من رغبةٍ عميقة في إعادة النظر في قضايا الجندر والجنسانية ضمن سياقاتها المعقّدة التي تتشابك مع علاقاتٍ متعدّدة تكوّن واقع السلطة وآليات عملها في العالم. نعالج قضايانا من خلال الدمج متعدّد المنطلقات بين النظريات النسوية المناهضة للاستعمار والكويرية والنظرية النسوية المادّية. ركّزنا في هذا المشروع على الإمكانيات التفسيريّة والتحليلية التي تتيحها هذه النظريات، من خلال تفاعلاتها وتآزرها. من خلال تلك الأطر التفسيرية نحاول النظر في تجسّدات السلطة ضمن مواقع وعلاقات ومحلّيات جندرية متباينة – بدءًا من الأجساد وصولًا إلى الأراضي، ومن اللحم والأبدان إلى التربة، ومن البيولوجيا إلى المعادن والأرض، ومن الملكية إلى العمل. تقدّم النظرية النسوية المادية أساسًا قويًا لنقدٍ مناهضٍ للرأسمالية، حيث تكشف الشروط الاجتماعية والاقتصادية التي تنظّم استغلال النساء والأشخاص ذوي السمات الأنثويّة، ننظر في النهب الممنهج لأعمالهنّ وأجسادهن. في المقابل، توفّر مدارس تفكيك الاستعمار رؤىً نقدية حول أشكال العنف التي يفرضها الإٍراثُ الاستعماري في المجتمعات المعاصرة. ويتوضّح لنا تباعاً كيف أنّ فرض الجندر والجنسانيّة بأشكالها ودلالاتها الاستعمارية على الفضاءات المُستعمَرة قد أعاد تشكيل شروط الحياة داخل التركيبة الراهنة، ليس لعناصر المجتمع الخاضعة للسلطات المستجدّة بل لجميع أركان البنية الحديثة. إذن، نحن هنا في صدد تفكيرٍ نقديٍّ في رهانات البنى التكوينية للجندر والجنسانيّة المتأثرة بالاستعمار، من فلسطين إلى جورجيا، ومن كشمير إلى الأرجنتين، ومن المغرب إلى المملكة المتحدة. فكلّ هذه التعقيدات تسائلنا عن أبعاد راهنيّة واقعنا المعقّدة وما تعنيه هذه التشابكات بالنسبة للنضال من أجل التحرّر الشامل والعدالة الكاملة.